responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 146
جَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ وَحِينَ مَفْعُولٌ بِهِ لِيَعْلَمُ أَيْ لَوْ يَعْلَمُونَ الْوَقْتَ الَّذِي يَسْأَلُونَ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ: مَتى هذَا الْوَعْدُ وَهُوَ وَقْتٌ صَعْبٌ شَدِيدٌ تُحِيطُ بِهِمْ فِيهِ النَّارُ مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ خَلْفٍ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَجِدُونَ أَيْضًا نَاصِرًا يَنْصُرُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: / فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا [غَافِرٍ: 29] لِمَا كَانُوا بِتِلْكَ الصِّفَةِ مِنَ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالِاسْتِعْجَالِ وَلَكِنَّ جَهْلَهُمْ بِهِ هُوَ الَّذِي هَوَّنَهُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا حَسُنَ حَذْفُ الْجَوَابِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَهَذَا أَبْلَغُ وَمِثْلُهُ: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الْبَقَرَةِ: 165] ، وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا [الْأَنْفَالِ: 50] ، وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ [الرَّعْدِ: 31] وَإِنَّمَا خَصَّ الْوُجُوهَ وَالظُّهُورَ لِأَنَّ مَسَّ الْعَذَابِ لَهُمَا أَعْظَمُ مَوْقِعًا وَلِكَثْرَةِ مَا يُسْتَعْمَلُ ذِكْرُهُمَا فِي دَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنِ النَّفْسِ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ شِدَّةَ هَذَا الْعَذَابِ بَيَّنَ أَنَّ وَقْتَ مَجِيئِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَهُمْ بَلْ تَأْتِيهِمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَهَا غَيْرُ مُحْتَسِبِينَ وَلَا لِأَمْرِهَا مُسْتَعِدِّينَ فَتَبْهَتُهُمْ أَيْ تَدَعُهُمْ حَائِرِينَ وَاقِفِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً فِي رَدِّهَا وَلَا عَمَّا يَأْتِيهِمْ مِنْهَا مَصْرِفًا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ أَيْ لَا يُمْهَلُونَ لِتَوْبَةٍ وَلَا مَعْذِرَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا لَمْ يُعْلِمِ الْمُكَلَّفِينَ وَقْتَ الْمَوْتِ وَالْقِيَامَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ الْمَرْءَ مَعَ كِتْمَانِ ذَلِكَ أَشَدُّ حَذَرًا وَأَقْرَبُ إِلَى التَّلَافِي، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ فِي دَفْعِ الْحُزْنِ عَنْ قَلْبِ رَسُولِهِ فَقَالَ: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وَالْمَعْنَى وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ يَا مُحَمَّدُ كَمَا اسْتَهْزَأَ بِكَ قَوْمُكَ فَحاقَ أَيْ نَزَلَ وَأَحَاطَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أَيْ عُقُوبَةُ اسْتِهْزَائِهِمْ وَحَاقَ وَحَقَّ بِمَعْنَى كَزَالَّ وَزَلَّ وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَعْنَى فَكَذَلِكَ يَحِيقُ بِهَؤُلَاءِ وَبَالُ استهزائهم.

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 42 الى 44]
قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43) بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (44)
[في قوله تعالى قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْكُفَّارَ فِي الْآخِرَةِ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ بِسَائِرِ مَا وَصَفَهُمْ بِهِ أَتْبَعُهُ بِأَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا لَوْلَا أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَحْرُسُهُمْ وَيَحْفَظُهُمْ لَمَا بَقُوا فِي السَّلَامَةِ فَقَالَ لِرَسُولِهِ: قل لهؤلاء الكفار الذين يستهزءون وَيَغْتَرُّونَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ: مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهَذَا كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِمَنْ حَصَلَ فِي قَبْضَتِهِ وَلَا مُخَلِّصَ لَهُ مِنْهُ إِلَى أَيْنَ مقرك مِنِّي! هَلْ لَكَ مَحِيصٌ عَنِّي! وَالْكَالِئُ الْحَافِظُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: مِنَ الرَّحْمنِ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي مَعْنَاهُ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: مَنْ يَكْلَؤُكُمْ ... مِنَ الرَّحْمنِ أَيْ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَى إِنْزَالِهِ بِكُمْ مِنْ عَذَابٍ تَسْتَحِقُّونَهُ. وَثَانِيهَا: مِنْ بَأْسِ اللَّه فِي الْآخِرَةِ. وَثَالِثُهَا: مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَسَائِرِ مَا أَبَاحَهُ اللَّه لِكُفْرِهِمْ فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا حَافِظَ لَهُمْ وَلَا دَافِعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَوْ أَنْزَلَهَا بِهِمْ وَلَوْلَا تَفَضُّلُهُ بِحِفْظِهِمْ لَمَا عَاشُوا وَلَمَا مُتِّعُوا بِالدُّنْيَا.
الْمَسْأَلَةُ الثانية: إنما خص هاهنا اسْمَ الرَّحْمَنِ بِالذِّكْرِ تَلْقِينًا لِلْجَوَابِ حَتَّى يَقُولَ الْعَاقِلُ: أَنْتَ الْكَالِئُ يَا إِلَهُنَا لِكُلِّ الْخَلَائِقِ بِرَحْمَتِكَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الِانْفِطَارِ: 6] إِنَّمَا خَصَّ اسْمَ الْكَرِيمِ بِالذِّكْرِ تلقينا للجواب.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست